الرئيس التركي لـ "العرب": قطر وتركيا يدا بيد لتحقيق إنجازات لصالح المنطقة

الدوحة في 15 فبراير /قنا/ أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أهمية العلاقات القطرية التركية والتي تشهد تطورا سريعا في كافة المجالات، لاسيما في السنوات الأخيرة، وقال إن "العلاقات القوية بين البلدين تستند إلى الروابط التاريخية، وقد وصلنا إلى مستوى ممتاز من العلاقات، ونحن نثق في بعضنا البعض". 
وأضاف الرئيس التركي، في مقابلة مع صحيفة "العرب" القطرية نشرتها اليوم، أن "كلا البلدين يحظى بذات الإرادة السياسية القوية من أجل المضي قدما في تطوير هذه العلاقات نحو الأفضل، كما أن الثقة المتبادلة بين البلدين قد آلت إلى مستوى استراتيجي في العلاقات". 
وأوضح أن تعزيز التعاون بين البلدين في جميع المجالات بشكل تدريجي أثمر عن نتائج إيجابية، حيث قام حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بزيارة إلى تركيا في ديسمبر 2014، وقد تم الاتفاق على تأسيس آلية للتعاون والاستشارة تحت اسم "اللجنة الاستراتيجية العليا"، والتي تعتبر خطوة في غاية الأهمية، ومنذ ذلك التاريخ شهدنا تطورات في غاية الأهمية، حيث تعزز تعاوننا ومودتنا يوما بعد آخر، وآتت اللجنة الاستراتيجية العليا ثمارها في فترة قصيرة، وقد تم إبرام 30 اتفاقية في الاجتماعين الأول بالدوحة والثاني في طرابزون، وهذه خطوة جادة بالفعل، وقد أعلنا عن بيانات مشتركة تعكس أفكارنا ومواقفنا المتطابقة تجاه المسائل الإقليمية ". 
وتابع الرئيس التركي بالقول "إن التعاون الوثيق لهذه الدرجة أمر في غاية الأهمية لمستقبل المنطقة، وأثق بأن الاجتماع المقبل للجنة الاستراتيجية العليا الذي سيعقد في الدوحة هذه السنة سيصب في مصلحة كلا البلدين، فكل لقاء يجمعنا يعزز الروابط الفكرية والعاطفية بيننا". 
وأضاف "نحن لن ننسى تضامن دولة قطر ودعمها لنا أثناء تعرض بلدنا لمحاولة الانقلاب في الخامس عشر من يونيو الماضي وما بعدها، فقد أثبتت دولة قطر أنها الدولة الصديقة الحقيقية التي وقفت معنا ودعمتنا في الأيام الصعبة، وأثق بأننا مع أخي الشيخ تميم سنتكاتف يدا بيد، وسنحقق العديد من الإنجازات من أجل أن تنعم منطقتنا بالأمن والاستقرار". 
وأكد الرئيس التركي أن الحفاظ على مستوى العلاقات السياسية الممتازة والعمل على تطويرها مرتبط بتحقيق التعاون الوثيق في المجالات العسكرية والدفاعية أيضا، وقال " نريد أن نفعل ذلك، وكما ترون أن المستوى الذي وصلت إليه القوات المسلحة التركية معروف للجميع، وجيشنا يحتل موقعا متقدما في العالم، إلى جانب التطور المشهود في صناعتنا الدفاعية والاستثمارات التي قمنا بها في تطوير أسلحتنا الوطنية، وجميعها تدفع البلدين إلى التعاون في المجال العسكري دون تردد ". 
وأوضح أن تركيا وقعت مع دولة قطر اتفاقية تعاون بتاريخ 19 ديسمبر 2014 بشأن التدريب العسكري والصناعات الدفاعية، لافتا إلى التعاون في العديد من المجالات بدءا من التدريب العسكري وصولا إلى إجراء مناورات عسكرية مشتركة، بالإضافة إلى خدمات البنية التحتية. 
وشدد الرئيس أردوغان على أن قطر وتركيا تدعمان السلام الإقليمي، بالإضافة إلى وضع حد للإرهاب ولجميع أنواع التهديدات والمخاطر الأمنية ، وكلا البلدين يقوم بواجبه في هذا الصدد.. مناشدا جميع البلدان الأخرى في المنطقة لتوسيع التعاون كدول شقيقة ونتصدى معا للإرهاب والتهديدات الأمنية. 
وحول مخاوف البعض من التقارب والتنسيق القطري التركي في مختلف القضايا والملفات، قال الرئيس أردوغان "لا ينبغي لأحد أن يشعر بالقلق حيال التقارب التركي القطري القائم على أساس الأخوة،لقد قلنا إننا نرغب في توسيع هذا التعاون ليشمل كافة البلدان في المنطقة، والأمر المهم هنا هو تمكين جميع إخواننا وأخواتنا في المنطقة من العيش بسلام وأمن.. ليس لدينا ولا يمكن أن تكون لدينا أي أهداف أو غايات أخرى علاوة على ذلك، فاتفاقياتنا شفافة ولقاءاتنا تتم على مرأى ومسمع من الجميع، وكل ما نتمنى هو تعزيز هذا التعاون بشكل مضطرد". 
وردا على سؤال بشأن تقييمه للدور القطري على الساحتين الإقليمية والدولية، خاصة دور الوساطة الذي تلعبه الدوحة بين مختلف الفرقاء في كثير من بؤر التوتر، قال "في هذه النقطة يتعين علينا إضفاء مكانة خاصة لقطر كونها تتبع سياسة خارجية ديناميكية ومعقولة للغاية وفي منتهى القوة، حيث أن دولة قطر تسعى إلى إيجاد حلول للأزمات، وتلعب دور الوساطة، وتقترح حلولا حقيقية وجدية من خلال الأخذ بزمام المبادرات، ولاشك أن كل هذه الأمور تجعل من قطر دولة فعالة تحظى بالاحترام والتقدير، كما أن دولة قطر قادرة على استخدام قوتها الاقتصادية بشكل فعال وفي محلها، واعتقد أن الأطراف الفعالة على المستوى الإقليمي والعالمي ستمنح قطر دورا فعالا، فضلا عن المسؤوليات الكبرى التي تتحملها لإدارة الأزمات في الشرق الأوسط وافغانستان وأفريقيا، وإيجاد حلول لها ". 
وأضاف الرئيس أردوغان " أنا أؤمن من صميم قلبي بأن قطر ستطور سياسات جديدة من أجل حقن الدماء، والحيلولة دون وقوع المآسي وإنهاء الأزمات والصراعات ". 
وردا على سؤال بشأن "ازدواجية" بعض الدول الغربية في انتقاد إجراءات تركيا في مواجهة الانقلابيين على السلطة المنتخبة في أنقرة، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في مقابلته مع صحيفة"العرب" القطرية، "مع الأسف، كانت المحاولة الانقلابية في الخامس عشر من يوليو الماضي اختبارا للغرب والدول الغربية التي لم تتعاط مع المسألة بجدارة، عليهم أن يعترفوا بهذه الحقيقة لقد عجزوا عن مواساتنا في هذا السياق، فلم يتبادر إلى ذهنهم تقديم التعازي لنا إلا بعد مرور أيام على الحادث، وهذا مؤشر على أن الغرب رسب في اختبار تركيا في الخامس عشر من يوليو من حيث التمسك بالديمقراطية والحريات، إن المدنيين هم من خرجوا من بيوتهم في تلك الساعات لكن الغرب لم ير ذلك، بل لم يكن يريد أن يرى هذه الحقيقة، وإننا لم نتلق رسالة دعم قوية ضد المحاولة الانقلابية من الغرب، وعلى الدول الغربية مساءلة نفسها بشكل جدي بهذا الشأن". 
وبشأن الحديث عن مزاعم بتراجع الحريات في تركيا، قال الرئيس أردوغان " الادعاء بتراجع مستوى الحريات في تركيا لم يمت للحقيقة بصلة، لكن هناك نوعا من هذا التراجع في الدول الأوروبية التي لم تستطع أن تظهر موقفا حازما ضد المحاولة الانقلابية الفاشلة، وبإمكان أحزاب المعارضة في تركيا، فضلا عن وجودها في البرلمان التركي توجيه أشد الانتقادات للحكومة، وذلك من خلال قنواتها التلفزيونية وصحفها المتعددة ". 
وعن تطورات الأزمة السورية، قال الرئيس التركي "إننا نعمل منذ بدء الأحداث في سوريا عام 2011 وبشكل وثيق مع كل من المملكة العربية السعودية ودولة قطر بتنسيق وتعاون مباشرين من أجل أمن وسلام الشعب السوري، ونريد أن توقف الدماء المسكوبة في سوريا، وألا يقتل أو يصاب أي من الأطفال والمسنين والمظلومين هناك، لقد دمرت المدن السورية وانهارت بنيتها التحتية، ونحن نعمل دوما من أجل ضمان سلام دائم في أقرب وقت ممكن". 
وحول جولته الحالية بالمنطقة التي شملت كلا من مملكة البحرين والسعودية ودولة قطر، قال الرئيس أردوغان "ستكون هذه الجولة فرصة ذهبية لتوثيق العلاقات الثنائية من حيث تبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية وعلى رأسها القضية السورية، وأؤمن بأننا سنقوم معا باتخاذ الخطوات اللازمة لضمان الاستقرار الإقليمي". 
وأكد الرئيس التركي أن وقف إطلاق النار في مدينة حلب السورية ومحادثات أستانا هي، بلا شك، خطوة مهمة، وقال " نرى في النهاية بصيصا من النور في نهاية النفق، وعلينا ألا نقتل هذا الضوء، بل نساهم في توسيعه من أجل الخروج من هذا النفق وتلك المعضلة، لذلك فإن مباحثات جنيف التي ستعقد في فبراير الجاري مهمة في سبيل تحقيق هذه الغاية، واعتقد أنه إلى جانب موقف الولايات المتحدة بعد انتخاب السيد ترامب فإن جهود دول المنطقة مثل السعودية وقطر، ستساهم بشكل فعال في حل القضية السورية".